المرأة اليمنية أقوى بكثير من شقيقها الرجل
يمنات
ماجد زايد
لطالما كانت المرأة اليمنية أقوى بكثير من شقيقها الرجل، خصوصًا في مواجهة وتجاوز صعاب الحياة ومشقاتها وإحتياجاتها ومواقفها وإلتزاماتها، هذا ما أثبتته سنواتنا الأخيرة من الحرب اليمنية، المرأة الناضجة ومكتملة التجارب والمواجهة في معظم البيوت المتواضعة هي من تكفلت وتتكفل بقوت منزلها، وطعام أطفالها، بدون إحراج أو خوف أو عجز أو تردد..
هذه حقيقة، خلال السنوات الأخيرة خرجت المرأة اليمنية للعمل بنفسها وإرادتها في ذروة العجز والبطالة، خرجت بذاتها وشجاعتها لأن زوجها وإبنها ووالدها قد عجزوا بالفعل عن إيجاد العمل أو بدائل العمل، كانوا يموتون جوعًا وعجزًا في بيوتهم قبل خروجها لميدان العمل، لكنها واجهت الحياة وتصدت لصعوباتها ومخاوفها.. لم تكن تعلم أن هناك من سيمنع عنها جواز سفرها أو بطاقتها الشخصية لأنها قاصر.. ولم تعلم قط أن طعامها وحياتها وحقوقها ستظل ممنوعة عنها أذا لم يكن لديها محرم.. لم تعلم ذلك على الإطلاق، مع أنها تعيل الرجال المحارم منذ سنوات وتطعمهم وتتكفل بهم بعد أن أقعدتهم الظروف في بيوتهم عاجزين.
المرأة في منازل اليمنيين هي من تتحدث مع الرجال في معظم التفاصيل، وهي من تعامل في الوزارات والمؤسسات، وهي من تطالب بالإفراج عن المعتقلين، وهي من تدافع عن حقوق أبناءها وعيالها، وهي من تتابع طلابها في المدارس، وهي من توصل بناتها للجامعات، وهي من تعمل في مولات صنعاء ومحلاتها، وبسطات الشوارع المنتشرة بكل مكان، وهي من تقف في معظم الجولات والطرقات مع بعض السلع الرخيصة بغرض البيع والتجارة، وهي من تمسح السيارات بالقرب من المطاعم والتجمعات، وهي ذاتها الدكتورة الجامعية، والطبيبة المتفوقة، والمهندسة العبقرية، والمحاسبة المحترفة، وهي المواقف الوفية والكبرياء الثابت، والأخلاق الحميمية، المرأة اليمنية واجهت مصيرها وخرجت لتبقي عيالها وأهلها واقفين على أقدامهم، وهي من تسافر لعلاج زوجها ووالدها، وهي من ترافق العاجزين والقاعدين في المستشفيات والمرافق الصحية، وهي من تقف في طابور التوزيع الغذائي الطويل، وهي من تحمل دبات الغاز وتنتظر دائمًا لتعبئتها، وهي من تتحدى الظالمين، ولا تسكت عن المظلومين، وهي من تقود سيارتها برجولة وقوة، وحين ترتكب حادث ما تترجل من سيارتها لتتفاوض مع الأخرين وتفرض الحلول لإنهاء القضية.
المرأة اليمنية، بعكس معايير المرأة العربية، قوية وشجاعة، وعصامية، ومكافحة، وتحمل إلتزامات منزلها على كتفها دون بكاء أو إختباء أو تذمر، هي ذاتها من تحمل الماء على رأسها كل يوم، ومن تجمع الحطب بإستمرار لأجل خبزها وتنورها، ومن تحرق الكراتين لأجل نارها ودفئها وبخورها، ومن تفترش الشوارع بجوار أبناءها، ومن تتحدث مع مالك البيت، ومن تطلب تأخير مواعيد السداد، ومن تستدين من الدكاكين وتخبرهم بأنها ستقضي ديونها حين تحصل على مستحقاتها، ومن تحمل أنبوبات الأنسولين لمريضها، ومن تسهر بجوار مرضاها في لياليها المظلمة، وهي وهي وهي، وهي من ومن ومن ومن..
المرأة اليمنية في أصلها هي محرم الرجل، وهي سنده وظهره الأهم، وهي كل شيء لعيالها وزوجها وبيتها، ولولاها لمات الرجال جوعًا في بيوتهم، ولعجزت البيوت عن إيقاد أضواءها وإيشعال روحها لإيجاد خبزها وطعامها، وهي الأصل وهي الكبرياء الأعظم والأعز، وهي كل شيء، لكنها ما تزال ناقصة في نظر المعايير الرجولية العامة، والمحتكرة للقرار والمستحقات، لهذا أقول بصوت مرتفع وواضح، صوتي أنا وصوت من يعترف معي بأحقية وبطولة المرأة اليمنية: من حق المواطنة اليمنية الحصول على جوازات السفر ووثائقها الرسمية بدون البحث عن محرم أو ولي أمر، ومن حقها أيضًا السفر والخروج وتدبر مستلزمات البقاء على قيد الحياة في هذا العالم المعتوة، المرأة تستحق منا الكثير والكثير من العرفان والإمتنان..
لها مني كل الإخلاص والاعتراف الوجودي بفضلها وقوتها.. قبلة على كل جبين مرأة يمنية مازالت تقاوم لأجل حياتها وبيتها وعيالها، شكرًا لها بحجم عجزنا وخيبتنا وخجلنا وتذمرنا نحن الرجال البائسون والمحتكرون للمباحات والمعايير..
كل الحب يا سيدتي وتاج رأسي..